التوسُّل في التلبيات الجاهلية

الملخص

يلقي البحث ضوءاً على معالم الحياة الدينية في العصر الجاهلي من دراسته التلبيات الجاهلية، دراسة اقتصرت على الموضوعات التي تشكّل ظاهرة عامة فيها، وتبحث في المناسك العامة، والأعمال الدينية المحسوسة، والأدعية الروحية التي كان يقوم بها العرب الجاهليون، ويُقْصَد منها تحقيق منافع مادية ملموسة. وقد انتظمت هذه الموضوعات في ثلاثة عناوين رئيسية شملت توسُّلات العرب الجاهليين لآلهتهم، ومناسك حجّهم، واحتفالاتهم الدينية؛ وذلك بناء على ما لاحظه الباحث من سمات عامة تشترك فيها، فقد وجد أن الصِّفة الدينية للتلبيات، وطبيعة العرب الماديين هما السِّمة الغالبة على هذه التوسُّلات. وتطرّق البحث في دراسته التلبيات إلى موضوعات فرعية فيها، جَمَعها الباحث في موضوع واحد، إذ لا يشكّل كل موضوع منها - في حَجْم مادته ومضمونه - موضوعاً قائماً بذاته، وهي موضوعات ذات صِلة - على نحو تأويلي - بحياتهم الدينية، خاصة في نظرتهم إلى آلهتهم نظرة حسّيّة، وفي علاقتهم بها علاقة تقوم على الشعور بالضعف أمامها والتصاغر لها، على أن هذا الشعور ينتفي في علاقة إحدى الطبقات الاجتماعية الرفيعة - كطبقة المُلُوك - بها، حيث أظهرتْ التلبيات أنها علاقة فوقية عالية. وقد يكون لارتباط التلبيات عند العرب الجاهليين بطبيعة حياتهم الدينية، وتعدّد حاجاتهم أثر في تنوّع التلبيات أداءً ومضموناً، تنوّعاً يقوم – فيها كلها – على إرضاء آلهتهم والتقرّب إليها بوسائل متعدّدة، ذكرنا بعضاً منها في التوسُّلات التي عالجها هذا البحث. ولعل الباحث قَصَد في بحثه أن يضيف جديداً إلى ما عُرِف عن الحياة الدينية في العصر الجاهلي من الشعر والأخبار، وأن يزيد تفصيلاً في الحديث عن بعض جوانبها، إذ كانت التلبيات الجاهلية أوسع حديثاً، وأوفى إشارة منها إليها.