سيرة أجيال وتاريخ مرحلة بين "رحلة العمر" لمحمد عبد الحميد مِرداد و "سنوات الجوف" لعبد الواحد الحميد دراسة في المضمون والأسلوب

Abstract

تعد السيرة الذاتية من أكثر أنواع الأدب الذاتي متعة وجذبًا للقارئ، وقد خطت السيرة الذاتية خطوات كبيرة إلى الأمام؛ فقد كانت هناك محاولات كثيرة لكتابتها منذ أوائل القرن العشرين في الأدب العربي الحديث، واختلف البناء الفني فيها، فعلى سبيل المثال سيرة "الأيام" لطه حسين بأجزائها الثلاثة تختلف اختلافًا كبيرًا عن "حياتي" لأحمد أمين؛ فالأول صاغ سيرته في قالب قصصي ممتع سرده بضمير الغائب الذي ناسب الراوي المغيَّب بالعمى واعتزال الناس، ومع تأثُر أحمد أمين بطه حسين إلا أن سيرته اهتمت بالأماكن والأشخاص والتاريخ أكثر. أما في الأدب العربي الحديث في السعودية فقد لُوحظ في الفترة الأخيرة اهتمام الكتَّاب والكاتبات بهذا النوع من الكتابة، وصدرت كثير من السير الذاتية، بعضها اتكأ على اليوميات والمذكرات، وبعضها الآخر اختبأ خلف فن المراسلات، وبعضها تشظى في مؤلفات كثيرة للكاتب نفسه... الخ. وقد اخترت هنا سيرتين لكاتبين فيهما كثير من التشابه، واخترت سيرة "رحلة العُمر" لمحمد عبد الحميد مِرداد، الأديب والرحالة المكيّ، التي صدرت قبل أكثر من ربع قرن، ولم تحظ بدراسة كاملة تذكر، وسيرة الدكتور عبد الواحد الحميد "سنوات الجوف" وهي أحدث سيرة ذاتية صدرت نهاية العام 2017م ويجمعهما التاريخ وسيرة جيل عاش في فترتين متباعدتين وفي فضاءين مختلفين، وبحثت الدراسة في المضمون والأسلوب لهذين الكتابين بقراءة تبحث عن خصائص الشخصية الساردة التي تتخفى وراء شخصيات كثيرة وأحداث تاريخية عديدة، ولكنها أخرجت للقارئ تاريخ مرحلة وشخصيات مؤثرة وقليل من التفاصيل الخاصة لحياة الكاتبين. وتهدف الدراسة إلى تبيين المرجعية الاجتماعية والتاريخية للسيرتين، من خلال تتبع تلك الموضوعات وأسلوب الكاتبيْن في تناولهما، ورصد مواطن التشابه والاختلاف بينهما، وقد خرجت الدراسة بأن مرجعية المِرداد كانت المشاهدة والمعرفة بالأحوال والأحداث ووصفها عن قرب، وكان عماد هذا العمل: الإنسان المكي والأحداث التاريخية التي دعمها بالكتب والقراءات، أما الحميد، فقد حفلت سيرته بالكثير من الشخصيات، من الأصدقاء والوجهاء، وبالتفاصيل الدقيقة خاصة في مرحلة الطفولة، وعني بالأمانة التاريخية بإيراد الصور والوثائق آخر سيرته. وتحتاج المكتبة العربية حديثًا وفي السعودية خاصة إلى مثل هذه الدراسات؛ حيث كُتبت كثير من السير الذاتية في الأدب السعودي مؤخرًا، كما أن الأدب الذاتي أصبح يشكِّل اهتمامًا لعدد من الباحثين مؤخرًا.